مزايا الحوسبة السحابية وتحدياتها ومخاطرها






الجدل يحتدم بشدة حالياً حول مزايا الحوسبة السحابية وما تقدمه من فرص وخدمات وفوائد جديدة لمستخدمي الحاسبات والإنترنت والمستفيدين من تكنولوجيا المعلومات عموماً من ناحية, وبين ما تحمله من مخاطر وتحديات ومحاذير تتعلق بالخصوصية والاعتمادية وسلامة البيانات وسوء الاستخدام, وحول هذا الجدل تبلورت رؤى فريقين من الخبراء والمتخصصين والمحللين, الأول يتحمس ويدافع ويؤكد ثقته فيما تستطيع الحوسبة السحابية تقديمه وإنجازه من منافع جديدة لمستخدمي تكنولوجيا المعلومات منها التكلفة العالية للمعدات والبرمجيات والوقت الضائع في الشراء والتركيب, والثاني يحذر منها ويتشكك في قدراتها ويتخوف من مخاطرها ويراها مجرد ضجة إعلامية فارغة أو لنقل فرقعة أو موضة تكنولوجية سرعان ما ينقشع غبارها مثل غيرها من تقليعات التكنولوجيا ويؤكد هؤلاء أن عهد فرقعة شركات الدوت كوم ليس ببعيد, بل إن أحدهم بلغ به المدى إلى حد وصف الأمر كله بأنه مجرد هراء وسخف!

وقبل أن نستعرض وجهة نظر كل فريق لابد أن نذكر أن الحوسبة السحابية ليست خيراً خالصاً ولا شراً خالصاً, ولكنها مثالية في بعض الجوانب وغير عملية في بعض الجوانب الأخرى, ومدار الأمر كله يتوقف على احتياجات المستخدم المستفيد سواء كان فرد أم شركة, ولأن النظرة إليها خلافية حتى الآن, وكل فريق يدافع عن معسكره بقوة, وكلا الفريقين يضم خبراء متخصصين في مجالهم, سنستعرض آراء كل من الفريقين بحياد تام.

في كتابه الجديد (التحول العظيم: إعادة ربط العالم من إديسون إلى جوجل) توقع المحلل (نيكولاس كار) أن تؤدي الحوسبة السحابية إلى إغلاق أغلب أقسام تكنولوجيا المعلومات في معظم الشركات. لأن أغلب هذه الأقسام لن تجد ما تفعله عندما تنتقل أغلب المهام والوظائف التجارية من مراكز البيانات الخاصة إلى الإنترنت, فاتجاه الحوسبة السحابية بدأ يتشكل في صورة تكنولوجيا قانونية وشرعية وليدة وبدأ يجذب انتباه رؤساء ومديري تكنولوجيا المعلومات التقدميين, كما أن التكاليف الباهظة لاستهلاك الطاقة والموظفين والمعدات والأجهزة والمساحة المحدودة في مراكز البيانات وقبل ذلك كله الرغبة في التبسيط كان لها تأثير السحر في اتجاه عدد من الشركات البادئة والصغيرة وعدد كبير من المؤسسات الكبيرة إلى نقل بنيتها الأساسية إلى مزودين خارجيين لخدمات الحوسبة وتطبيقات الإنترنت.

ويقول (ستيف بالمر) رئيس شركة ميكروسوفت: المستقبل في تقديم أنظمة وبرامج متاحة للاستخدام على شبكة الإنترنت, ويقول ( جيف بيزوس) الرئيس التنفيذي لشركة Amazon : سنرى تحولاً جذرياً لا يصدق في السنوات العشرة المقبلة , فليس من المعقول أن تقوم كل شركة ببناء مراكز البيانات الخاصة بها, كما لا يعقل أن تنتج كل الشركات الطاقة الكهربائية التي تحتاجها, وأكبر دليل على نجاح مفهوم خدمات الإنترنت أن جريدة عريقة مثل New York Time الذي يرجع تاريخها إلى العام 1800 تضع جزءاً كبيراً من أرشيفها لدى خدمة التخزين التي تقدمها أمازون. كما بدأت العديد من أقسام تكنولوجيا المعلومات بالمؤسسات تقلص الميزانية المخصصة لتكنولوجيا المعلومات وتتجه للتخزين والمعالجة المقدمة عبر الإنترنت لتوفير التكاليف.

وقد ذهب مدير إحدى شركات البرمجيات إلى حد اعتبار الحوسبة السحابية في نفس أهمية ابتكار الطبعة أو انتشار التكنولوجيا, فالتاريخ يقول أن أكثر التقنيات تغييراً للسوق هي التي تمكن شريحة كبيرة من الناس من تنفيذ ما كانت تقوم به فئة قليلة من الأفراد. وفي حديثه مع المحللين الماليين صرح (راي أوزي), المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت قائلاً: أعتقد أن الحوسبة السحابية تمثل تحولاً بارزاً ومهماً للغاية, وقال (أرييل كليمان), أحد المديرين في موقع Salesforce.com : تهدف تطبيقات الحوسبة السحابية إلى تسهيل تطوير تطبيقات الأعمال لتصبح في نفس سهولة شراء كتاب من أمازون.

أهم المزايا يجمل فريق المدافعين عن الحوسبة السحابية أهم مزاياها فيما يلي:

ü تقليل الإنفاق المالي وبالتالي إزالة عوائق الوصول للسوق فالبنية الأساسية مملوكة للشركة المزودة للخدمة ولن تحتاج إلى شرائها من أجل مهام حوسبة مؤقتة أو غير متكررة, فالخدمات متاحة على نطاق واسع وبوفرة كبيرة وتستهدف الشركات الصغيرة بصفة خاصة.

ü استقلال الأجهزة والموقع الذي يمكن بعض المستخدمين من الوصول للأجهزة بغض النظر عن الموقع أو نوع الجهاز المستخدم( مثل الحاسب أو المحمول).

ü خدمة عدة أطراف من المستفيدين, مما يساعد على تعدد الجهات المستفيدة واشتراكها في الموارد والتكاليف بين عدد كبير من المستخدمين.

ü مركزية البنية الأساسية في مجالات ذات تكلفة أقل ى(مثل العقارات والكهرباء).

ü تحسين كفاءة واستفادة الأجهزة التي لا تستغل سوى 10 أو 20 % من كامل طاقتها.

ü الأداء عادة ما يتسم بالتوازن والثبات, ويجري مراقبة الأداء الذي يتأثر بسعة النقل غير الكافية أو بأعباء الشبكة الكثيفة.

ü الكفاءة من خلال تعدد المواقع وكثرتها مما يساعد على عدم تعطل أو سقوط الموقع أو الشبكة واستمرار الخدمة في حالة الكوارث والأزمات.

ü القدرة على التدرج الذي يلبي مطالب المستخدمين بسرعة دون الحاجة إلى إدارة الأعباء وقت الذروة.

ü الحماية والأمان: تحسنت مستويات الحماية كثيراً بسبب مركزية البيانات وزيادة التقنيات والجهات والمعايير التي تركز على الحماية والتي تشعر بالقلق من فقد التحكم في بيانات حساسة معينة.

ü الحفاظ على البيئة من خلال الاستغلال المحسن للموارد وتقليل عناصر الكربون في البيئة وترشيد استهلاك الطاقة.

ü لن يقلق المستخدم أو العميل بشأن شراء البرمجيات الحديثة أو تثبيتها أو إدارتها أو تعيين موظفين متمرسين في تكنولوجيا المعلومات والشبكات, حيث يتولى المورد أو مزود الخدمة مسئولية صيانة البرمجيات الحالية وتحديثها وفقاً لأخر إصدار.

ü بالنسبة للمورد أو مزود الخدمة تمثل خدمات الحوسبة السحابية مصدراً مستمراً ودائماً للدخل والإيرادات كما أنه يشتري البرمجيات مرة واحدة ويبيع استخدامها لعدة مستخدمين مما يساعده على مضاعفة أرباحه.

المآخذ والتحديات يرفع الفريق المنادي بالتريث والحرص والشك في الحوسبة السحابية شعارات عدة منها أنه ينصح باستخدامها في المشروعات المشتركة والمشروعات القصيرة المدى التي تتطلب احتياجات حوسبة كبيرة ولا يمكنها انتظار الموارد الداخلية. يفضل كذلك استخدام تطبيقات الحوسبة السحابية مع التطبيقات البسيطة التي لا تحتاج إلى مراقبة أو إدارة فورية وإذا كنت من الشركات الصغيرة التي من الممكن أن تتساهل في مقابل الوصول لبنية أساسية عالية الجودة بدلاً من تكبد مبالغ باهظة لإنشاء بنية خاصة بها.

ويرى هذا الفريق من المحللين أنه لا ينبغي استخدام خدمات الحوسبة السحابية في تخزين ومعالجة البيانات الشخصية والحساسة, ولا تستخدمها كذلك في استضافة التطبيقات المعقدة التي تتطلب مراقبة ودعماً فورياً ولا ينبغي أيضاً استخدامها مع الأقسام التي لا يلائمها نمط الخدمة الذاتية.

ويخشى البعض من تطبيقات الإنترنت المستضافة على الخوادم البعيدة لأنها تضع مسئولية التحكم في البيانات البعيدة في أيدي الشركات التي تشغل هذه الخوادم, وتثير بذلك قضايا الخصوصية والأمان في حالة حدوث أعطال بالأجهزة أو بالإنترنت. لأن المستخدمين من الأفراد والمؤسسات لا يعرفون بالضبط الأجهزة أو حتى المكان الذي تختزن فيه بياناتك الخاصة بك. كما أنه من الصعب على بعض الشركات أو المؤسسات أن تنقل بياناتها وملفاتها الغالية إلى مكان آخر أو جهة أخرى أو مكان آخر لا تمتلك فيه سيطرة على من يشاهد تلك البيانات أو يعدلها. وترد شركات الإنترنت على هذه المزاعم إن المستخدمين سوف يخمدون هذه المخاوف عندما تنتشر خدمات وتكنولوجيا الإنترنت وتمتزج مع نمط حياتهم. وعندما ظهرت خدمة بريد الويب كان هناك من يشكك فيها ويزعم أنها سطحية وأنها لن تتمتع بنفس مزايا التطبيقات المكتبية , وبعد فترة قصيرة, أصبحت مواقع البريد الإلكتروني على الويب في المرتبة الأولى من حيث الإقبال وسهولة الاستخدام وسرعتها البالغة.

ومن بين العيوب التي أُخذت أيضاً على تطبيقات الويب تعطل الخدمة لساعات طويلة, فقد شهد العام 2008 تعطل موقع خدمات وتطبيقات جوجل وخدمة البريد الإلكتروني Gmail وفي 20 يوليو تعطلت خدمة أمازون إس 3 لمدة ثماني ساعات, فهذه الحوادث وغيرها تهز الثقة في تكنولوجيا المعلومات في فكرة وصول المستخدمين إلى المعلومات الحساسة في أي وقت, ولهذا ينبغي على كبار مزودي الخدمات الحوسبية أن يقدموا خدمات مستمرة تعمل بلا انقطاع.

وفيما يلي بعض من الأسباب التي تعوق أو تمنع استخدام الحوسبة السحابية في الوقت الحالي:

ü المشكلات التشريعية والقانونية: فحتى الآن لا توجد منظومة من القوانين التشريعية التي تضمن للمستخدم حقه في خصوصية وسرية بياناته وتلزم مزود الخدمة بعقوبات رادعة إذا لم يحافظ على بيانات العميل.

ü الأسباب السياسية: هناك عدد كبير من الحكومات التي أصدرت القوانين لمنع تخزين البيانات في البنية الأساسية للشركات الأمريكية.

ü ثغرات الحماية: هل البنية الأساسية في الشركات مزودة الخدمة آمنة تماماً أم بها ثغرات كثيرة قد تهدد بيانات العملاء وتطبيقاتهم. هل من الممكن أن تضع شركتان متنافستان لتداول الأوراق المالية كل تطبيقاتهما وبياناتهما الخاصة في نفس شبكة مزود الخدمة؟ هل هناك وسائل حماية كافية لعزل البيانات الخاصة بكل منهما عن الأخرى بحيث لا تتسرب بيانات أي منهما عن طريق الخطأ.

ü معمارية التطبيقات: بعض التطبيقات ليس لها معنى في الحوسبة السحابية بسبب طبيعتها وموصفاتها, كما أن بعض مزودي خدمات الإنترنت يقيدون مقدار أو عدد عناوين بروتوكولات الإنترنت المطلوبة وأحياناً تحتاج بعض التطبيقات إلى إعادة التصميم لاستيعاب ذلك.

ü الاعتماد على المعدات والأجهزة: إذا كان التطبيق يستخدم أجهزة معينة أو برامج تعريف أو معالجات بعينها فربما لا يكون مرشحاً مثالياً للتطبيقات السحابية.

ü السيطرة على الخوادم الخاصة بك: إذا كان نمط الحوسبة الخاصة بك يتطلب تحكماً كاملاً في كل شيء فمعنى ذلك أن تطبيقات الحوسبة الخاصة غير ملائمة بالنسبة لك.

ü تكلفة خدمات الحوسبة السحابية : إذا كانت المعالجة عبر الإنترنت تكلف 17 سنت في الساعة, فمعنى ذلك أن التكلفة الشهرية في حالة التشغيل لمدة 24 ساعة في جميع أيام الأسبوع قد تصل إلى 100 دولار شهرياً. فإذا كنت تشغل تطبيقاً مكتبياً يتطلب استمرار التشغيل, فقد يؤدي ذلك إلى أن تتحمل تكلفة كبيرة, لهذا لا بد من موازنة تكاليف الحوسبة السحابية وتكاليف التشغيل على النطاق أو المستوى المحلي وذلك على المدى البعيد. فإذا كانت تكلفة الحوسبة السحابية على مدار خمس سنوات قد تصل إلى 10 آلاف دولار, فمن الأفضل أن تشتري الخادم أو سعات التخزين المماثلة في شركتك حتى لو كانت بتكلفة أعلى لأنك ستستخدمها لمدة طويلة.

ü إذا كانت أجهزتك وشبكتك تعمل بكفاءة, فلماذا تلجأ إلى الحوسبة السحابية؟ ركز على الأولويات العاجلة مثل تقديم الخدمات بكفاءة وتحسين المنتج أو الخدمة لا تحاول البحث عن حلول طالما أن كل شيء يسير على ما يرام.

ü مشكلات الإنترنت: تمر الإنترنت نفسها بمرحلة تحول نتيجة لزيادة الضغوط عليها من بث الفيديو حسب الطلب والاتصالات الصوتية وتليفزيون الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي, وحتى تستعيد الإنترنت عافيتها وشبابها يفضل التريث في استخدام خدمات الحوسبة السحابية.

ü شروط الخدمة في شركات تزويد الخدمة غير قابلة للتفاوض وأغلبها شروط ظالمة تنفي المسئولية عن مزود الخدمة في حالة أي ضرر يلحق بالبيانات.

 

0 التعليقات: