مزايا الحوسبة السحابية وتحدياتها ومخاطرها






الجدل يحتدم بشدة حالياً حول مزايا الحوسبة السحابية وما تقدمه من فرص وخدمات وفوائد جديدة لمستخدمي الحاسبات والإنترنت والمستفيدين من تكنولوجيا المعلومات عموماً من ناحية, وبين ما تحمله من مخاطر وتحديات ومحاذير تتعلق بالخصوصية والاعتمادية وسلامة البيانات وسوء الاستخدام, وحول هذا الجدل تبلورت رؤى فريقين من الخبراء والمتخصصين والمحللين, الأول يتحمس ويدافع ويؤكد ثقته فيما تستطيع الحوسبة السحابية تقديمه وإنجازه من منافع جديدة لمستخدمي تكنولوجيا المعلومات منها التكلفة العالية للمعدات والبرمجيات والوقت الضائع في الشراء والتركيب, والثاني يحذر منها ويتشكك في قدراتها ويتخوف من مخاطرها ويراها مجرد ضجة إعلامية فارغة أو لنقل فرقعة أو موضة تكنولوجية سرعان ما ينقشع غبارها مثل غيرها من تقليعات التكنولوجيا ويؤكد هؤلاء أن عهد فرقعة شركات الدوت كوم ليس ببعيد, بل إن أحدهم بلغ به المدى إلى حد وصف الأمر كله بأنه مجرد هراء وسخف!

وقبل أن نستعرض وجهة نظر كل فريق لابد أن نذكر أن الحوسبة السحابية ليست خيراً خالصاً ولا شراً خالصاً, ولكنها مثالية في بعض الجوانب وغير عملية في بعض الجوانب الأخرى, ومدار الأمر كله يتوقف على احتياجات المستخدم المستفيد سواء كان فرد أم شركة, ولأن النظرة إليها خلافية حتى الآن, وكل فريق يدافع عن معسكره بقوة, وكلا الفريقين يضم خبراء متخصصين في مجالهم, سنستعرض آراء كل من الفريقين بحياد تام.

في كتابه الجديد (التحول العظيم: إعادة ربط العالم من إديسون إلى جوجل) توقع المحلل (نيكولاس كار) أن تؤدي الحوسبة السحابية إلى إغلاق أغلب أقسام تكنولوجيا المعلومات في معظم الشركات. لأن أغلب هذه الأقسام لن تجد ما تفعله عندما تنتقل أغلب المهام والوظائف التجارية من مراكز البيانات الخاصة إلى الإنترنت, فاتجاه الحوسبة السحابية بدأ يتشكل في صورة تكنولوجيا قانونية وشرعية وليدة وبدأ يجذب انتباه رؤساء ومديري تكنولوجيا المعلومات التقدميين, كما أن التكاليف الباهظة لاستهلاك الطاقة والموظفين والمعدات والأجهزة والمساحة المحدودة في مراكز البيانات وقبل ذلك كله الرغبة في التبسيط كان لها تأثير السحر في اتجاه عدد من الشركات البادئة والصغيرة وعدد كبير من المؤسسات الكبيرة إلى نقل بنيتها الأساسية إلى مزودين خارجيين لخدمات الحوسبة وتطبيقات الإنترنت.

ويقول (ستيف بالمر) رئيس شركة ميكروسوفت: المستقبل في تقديم أنظمة وبرامج متاحة للاستخدام على شبكة الإنترنت, ويقول ( جيف بيزوس) الرئيس التنفيذي لشركة Amazon : سنرى تحولاً جذرياً لا يصدق في السنوات العشرة المقبلة , فليس من المعقول أن تقوم كل شركة ببناء مراكز البيانات الخاصة بها, كما لا يعقل أن تنتج كل الشركات الطاقة الكهربائية التي تحتاجها, وأكبر دليل على نجاح مفهوم خدمات الإنترنت أن جريدة عريقة مثل New York Time الذي يرجع تاريخها إلى العام 1800 تضع جزءاً كبيراً من أرشيفها لدى خدمة التخزين التي تقدمها أمازون. كما بدأت العديد من أقسام تكنولوجيا المعلومات بالمؤسسات تقلص الميزانية المخصصة لتكنولوجيا المعلومات وتتجه للتخزين والمعالجة المقدمة عبر الإنترنت لتوفير التكاليف.

وقد ذهب مدير إحدى شركات البرمجيات إلى حد اعتبار الحوسبة السحابية في نفس أهمية ابتكار الطبعة أو انتشار التكنولوجيا, فالتاريخ يقول أن أكثر التقنيات تغييراً للسوق هي التي تمكن شريحة كبيرة من الناس من تنفيذ ما كانت تقوم به فئة قليلة من الأفراد. وفي حديثه مع المحللين الماليين صرح (راي أوزي), المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت قائلاً: أعتقد أن الحوسبة السحابية تمثل تحولاً بارزاً ومهماً للغاية, وقال (أرييل كليمان), أحد المديرين في موقع Salesforce.com : تهدف تطبيقات الحوسبة السحابية إلى تسهيل تطوير تطبيقات الأعمال لتصبح في نفس سهولة شراء كتاب من أمازون.

أهم المزايا يجمل فريق المدافعين عن الحوسبة السحابية أهم مزاياها فيما يلي:

ü تقليل الإنفاق المالي وبالتالي إزالة عوائق الوصول للسوق فالبنية الأساسية مملوكة للشركة المزودة للخدمة ولن تحتاج إلى شرائها من أجل مهام حوسبة مؤقتة أو غير متكررة, فالخدمات متاحة على نطاق واسع وبوفرة كبيرة وتستهدف الشركات الصغيرة بصفة خاصة.

ü استقلال الأجهزة والموقع الذي يمكن بعض المستخدمين من الوصول للأجهزة بغض النظر عن الموقع أو نوع الجهاز المستخدم( مثل الحاسب أو المحمول).

ü خدمة عدة أطراف من المستفيدين, مما يساعد على تعدد الجهات المستفيدة واشتراكها في الموارد والتكاليف بين عدد كبير من المستخدمين.

ü مركزية البنية الأساسية في مجالات ذات تكلفة أقل ى(مثل العقارات والكهرباء).

ü تحسين كفاءة واستفادة الأجهزة التي لا تستغل سوى 10 أو 20 % من كامل طاقتها.

ü الأداء عادة ما يتسم بالتوازن والثبات, ويجري مراقبة الأداء الذي يتأثر بسعة النقل غير الكافية أو بأعباء الشبكة الكثيفة.

ü الكفاءة من خلال تعدد المواقع وكثرتها مما يساعد على عدم تعطل أو سقوط الموقع أو الشبكة واستمرار الخدمة في حالة الكوارث والأزمات.

ü القدرة على التدرج الذي يلبي مطالب المستخدمين بسرعة دون الحاجة إلى إدارة الأعباء وقت الذروة.

ü الحماية والأمان: تحسنت مستويات الحماية كثيراً بسبب مركزية البيانات وزيادة التقنيات والجهات والمعايير التي تركز على الحماية والتي تشعر بالقلق من فقد التحكم في بيانات حساسة معينة.

ü الحفاظ على البيئة من خلال الاستغلال المحسن للموارد وتقليل عناصر الكربون في البيئة وترشيد استهلاك الطاقة.

ü لن يقلق المستخدم أو العميل بشأن شراء البرمجيات الحديثة أو تثبيتها أو إدارتها أو تعيين موظفين متمرسين في تكنولوجيا المعلومات والشبكات, حيث يتولى المورد أو مزود الخدمة مسئولية صيانة البرمجيات الحالية وتحديثها وفقاً لأخر إصدار.

ü بالنسبة للمورد أو مزود الخدمة تمثل خدمات الحوسبة السحابية مصدراً مستمراً ودائماً للدخل والإيرادات كما أنه يشتري البرمجيات مرة واحدة ويبيع استخدامها لعدة مستخدمين مما يساعده على مضاعفة أرباحه.

المآخذ والتحديات يرفع الفريق المنادي بالتريث والحرص والشك في الحوسبة السحابية شعارات عدة منها أنه ينصح باستخدامها في المشروعات المشتركة والمشروعات القصيرة المدى التي تتطلب احتياجات حوسبة كبيرة ولا يمكنها انتظار الموارد الداخلية. يفضل كذلك استخدام تطبيقات الحوسبة السحابية مع التطبيقات البسيطة التي لا تحتاج إلى مراقبة أو إدارة فورية وإذا كنت من الشركات الصغيرة التي من الممكن أن تتساهل في مقابل الوصول لبنية أساسية عالية الجودة بدلاً من تكبد مبالغ باهظة لإنشاء بنية خاصة بها.

ويرى هذا الفريق من المحللين أنه لا ينبغي استخدام خدمات الحوسبة السحابية في تخزين ومعالجة البيانات الشخصية والحساسة, ولا تستخدمها كذلك في استضافة التطبيقات المعقدة التي تتطلب مراقبة ودعماً فورياً ولا ينبغي أيضاً استخدامها مع الأقسام التي لا يلائمها نمط الخدمة الذاتية.

ويخشى البعض من تطبيقات الإنترنت المستضافة على الخوادم البعيدة لأنها تضع مسئولية التحكم في البيانات البعيدة في أيدي الشركات التي تشغل هذه الخوادم, وتثير بذلك قضايا الخصوصية والأمان في حالة حدوث أعطال بالأجهزة أو بالإنترنت. لأن المستخدمين من الأفراد والمؤسسات لا يعرفون بالضبط الأجهزة أو حتى المكان الذي تختزن فيه بياناتك الخاصة بك. كما أنه من الصعب على بعض الشركات أو المؤسسات أن تنقل بياناتها وملفاتها الغالية إلى مكان آخر أو جهة أخرى أو مكان آخر لا تمتلك فيه سيطرة على من يشاهد تلك البيانات أو يعدلها. وترد شركات الإنترنت على هذه المزاعم إن المستخدمين سوف يخمدون هذه المخاوف عندما تنتشر خدمات وتكنولوجيا الإنترنت وتمتزج مع نمط حياتهم. وعندما ظهرت خدمة بريد الويب كان هناك من يشكك فيها ويزعم أنها سطحية وأنها لن تتمتع بنفس مزايا التطبيقات المكتبية , وبعد فترة قصيرة, أصبحت مواقع البريد الإلكتروني على الويب في المرتبة الأولى من حيث الإقبال وسهولة الاستخدام وسرعتها البالغة.

ومن بين العيوب التي أُخذت أيضاً على تطبيقات الويب تعطل الخدمة لساعات طويلة, فقد شهد العام 2008 تعطل موقع خدمات وتطبيقات جوجل وخدمة البريد الإلكتروني Gmail وفي 20 يوليو تعطلت خدمة أمازون إس 3 لمدة ثماني ساعات, فهذه الحوادث وغيرها تهز الثقة في تكنولوجيا المعلومات في فكرة وصول المستخدمين إلى المعلومات الحساسة في أي وقت, ولهذا ينبغي على كبار مزودي الخدمات الحوسبية أن يقدموا خدمات مستمرة تعمل بلا انقطاع.

وفيما يلي بعض من الأسباب التي تعوق أو تمنع استخدام الحوسبة السحابية في الوقت الحالي:

ü المشكلات التشريعية والقانونية: فحتى الآن لا توجد منظومة من القوانين التشريعية التي تضمن للمستخدم حقه في خصوصية وسرية بياناته وتلزم مزود الخدمة بعقوبات رادعة إذا لم يحافظ على بيانات العميل.

ü الأسباب السياسية: هناك عدد كبير من الحكومات التي أصدرت القوانين لمنع تخزين البيانات في البنية الأساسية للشركات الأمريكية.

ü ثغرات الحماية: هل البنية الأساسية في الشركات مزودة الخدمة آمنة تماماً أم بها ثغرات كثيرة قد تهدد بيانات العملاء وتطبيقاتهم. هل من الممكن أن تضع شركتان متنافستان لتداول الأوراق المالية كل تطبيقاتهما وبياناتهما الخاصة في نفس شبكة مزود الخدمة؟ هل هناك وسائل حماية كافية لعزل البيانات الخاصة بكل منهما عن الأخرى بحيث لا تتسرب بيانات أي منهما عن طريق الخطأ.

ü معمارية التطبيقات: بعض التطبيقات ليس لها معنى في الحوسبة السحابية بسبب طبيعتها وموصفاتها, كما أن بعض مزودي خدمات الإنترنت يقيدون مقدار أو عدد عناوين بروتوكولات الإنترنت المطلوبة وأحياناً تحتاج بعض التطبيقات إلى إعادة التصميم لاستيعاب ذلك.

ü الاعتماد على المعدات والأجهزة: إذا كان التطبيق يستخدم أجهزة معينة أو برامج تعريف أو معالجات بعينها فربما لا يكون مرشحاً مثالياً للتطبيقات السحابية.

ü السيطرة على الخوادم الخاصة بك: إذا كان نمط الحوسبة الخاصة بك يتطلب تحكماً كاملاً في كل شيء فمعنى ذلك أن تطبيقات الحوسبة الخاصة غير ملائمة بالنسبة لك.

ü تكلفة خدمات الحوسبة السحابية : إذا كانت المعالجة عبر الإنترنت تكلف 17 سنت في الساعة, فمعنى ذلك أن التكلفة الشهرية في حالة التشغيل لمدة 24 ساعة في جميع أيام الأسبوع قد تصل إلى 100 دولار شهرياً. فإذا كنت تشغل تطبيقاً مكتبياً يتطلب استمرار التشغيل, فقد يؤدي ذلك إلى أن تتحمل تكلفة كبيرة, لهذا لا بد من موازنة تكاليف الحوسبة السحابية وتكاليف التشغيل على النطاق أو المستوى المحلي وذلك على المدى البعيد. فإذا كانت تكلفة الحوسبة السحابية على مدار خمس سنوات قد تصل إلى 10 آلاف دولار, فمن الأفضل أن تشتري الخادم أو سعات التخزين المماثلة في شركتك حتى لو كانت بتكلفة أعلى لأنك ستستخدمها لمدة طويلة.

ü إذا كانت أجهزتك وشبكتك تعمل بكفاءة, فلماذا تلجأ إلى الحوسبة السحابية؟ ركز على الأولويات العاجلة مثل تقديم الخدمات بكفاءة وتحسين المنتج أو الخدمة لا تحاول البحث عن حلول طالما أن كل شيء يسير على ما يرام.

ü مشكلات الإنترنت: تمر الإنترنت نفسها بمرحلة تحول نتيجة لزيادة الضغوط عليها من بث الفيديو حسب الطلب والاتصالات الصوتية وتليفزيون الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي, وحتى تستعيد الإنترنت عافيتها وشبابها يفضل التريث في استخدام خدمات الحوسبة السحابية.

ü شروط الخدمة في شركات تزويد الخدمة غير قابلة للتفاوض وأغلبها شروط ظالمة تنفي المسئولية عن مزود الخدمة في حالة أي ضرر يلحق بالبيانات.

0 التعليقات  

الحوسبة السحابية


الحوسبة السحابية ... الدلالة والمفهوم

باعتبارها مصطلحاً جديداً يعبر عن نموذج أو شكل جديد في أداء بعض الأعمال ... فإن ظاهرة الحوسبة السحابية Cloud Computing تثير العديد من الأسئلة التي يتعين الإجابة عنها أولاً قبل الحديث عن أي تفاصيل أخرى متعلقة بها, ومن هذه الأسئلة: ما هي الحوسبة السحابية وماذا تعني؟ وما علاقتها بما سبقها من تطورات مماثلة خلال العقود الماضية؟.

وحتى نفهم معنى الحوسبة السحابية لابد من تفكيك هذا المصطلح إلى مفرداته ومكوناته الأساسية والتعرف عليها واحداً تلو الآخر, أي لابد من التعرف أولاً على معنى كلمتي الحوسبة وسحابة.

أولاً مفهوم الحوسبة Computing

تختلف تعريفات الحوسبة وتتنوع كما تقول موسوعة Wikipedia,لكن أشهرها وأوسعها هو استخدام وتوظيف وتشغيل وتطوير تكنولوجيا الحاسوب أو أجهزته وبرمجياته من أجل القيام بمهام معينة, وعرفت رابطة آلات الحاسب الحوسبة بأنها أي نشاط له هدف يتطلب الاستفادة من إمكانيات الحاسب لتحقيقه, ولهذا تتطلب الحوسبة تصميم وبناء الأجهزة والبرمجيات والحاسبات لباقة واسعة من الأغراض مثل المعالجة والهيكلة وإدارة الأنواع المختلفة من المعلومات وتنفيذ الدراسات العلمية والرياضية باستخدام أجهزة الحاسوب, وإكساب أجهزة الحاسب الذكاء الاصطناعي وإنشاء المطبوعات ووسائل الاتصال ووسائل الترفيه واستخدامها والعثور على المعلومات المرتبطة بأي غرض وغيرها, لكن الرابط المشترك بينها هو استخدام أجهزة ومكونات الحاسب مثل المعالجات ووحدات التخزين أو البرمجيات المختلفة التي تُستخدم بدورها على أجهزة الحاسب مثل نظم التشغيل وبرامج إدارة وصيانة الحواسيب بمختلف أنواعها.

ثانياً السحابةCloud

بعيداً عن المعنى البديهي الذي يشير إلى الغيوم والسحاب الذي يظهر في السماء كمقدمة لسقوط المطر, يستخدم لفظ السحابة في سياق تكنولوجيا المعلومات للدلالة على مكان أو فضاء معين, وقد يكون مكاناً مادياً محدداً أو افتراضياً مجرداً للتوضيح.

ويعرف موقع Netlingo السحابة بأنها ذلك الجزء الغير متوقع من الشبكة الذي تسافر فيه البيانات في طريقها إلى وجهتها النهائية, ففي أي شبكة تقوم على تبادل الحزم, يختلف المسار الفعلي لكل حزمة عن الأخرى, ولهذا يطلق عل الجزء الغير معروف في هذا المسار اسم السحابة, ولهذا تصور الرسومات والمخططات التي توضح بنية شبكة المعلومات وشبكة الإنترنت هذا الجزء الغير معروف من المسار باسم السحابة. ويحدد (توماس فاندير فان) أحد محللي تكنولوجيا المعلومات أربعة أنواع من السحب في سياق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: سحابة المعلومات العامة (وتعني الإنترنت والوصول غير المحدود) , وسحابة المعلومات الخارجية(تعني جزء الشبكة المختفي خلف الحاجز الدفاعي أو الشاشة التي تطلب إدخال بيانات العضوية) , وسحابة المعلومات الحالية(شبكة المعلومات المحلية) , وسحابة المعلومات الشخصية(تعني الاتصال من أي مكان تحت تنظيم وتحكم المستخدم). واختيرت السحابة للدلالة على الإنترنت (والشبكات بصفة عاملة) لأن السحابة عند رسمها تصور في هيئة كتل غير منتظمة الشكل وغير محددة المعالم وغير واضحة التفاصيل, وهي نفس التفاصيل التي تنطبق على العمليات الخفية التي تتم في الأجزاء الخفية من أي شبكة بصورة غير ملموسة أو واضحة من المستخدم النهائي.

خلاصة القول أن السحابة تعني البنية الأساسية أو الجزء غير الظاهر من أي شبكة على اختلاف أنواع هذه الشبكات, فهذه تعني شبكة البيانات في المكتب أو شبكة البيانات واسعة النطاق التي تربط ما بين فروع شركة ما في أكثر من دولة أو شبكة محمول والتليفونات الأرضية في الاتصالات أو شبكة الإنترنت بصفة عامة, ويميل مصطلح الحوسبة السحابية الحالي إلى استخدام السحابة كمجاز لغوي عن الإنترنت.

الحوسبة السحابية

عند اندماج المفردتين السابقتين معاً في سياق أو تكوين لغوي واحد ينشأ نمط من الحوسبة عبر شبكات المعلومات بين حاسب خفيف الإمكانيات أو حتى شاشة عرض, وحاسب ضخم أو مجموعة حواسيب ضخمة تقبع في الخلفية في مكان بعيد أو قريب وتبدو تفاصيلها وقدراته وطريقة بناءها وعملها غائمة وغير واضحة الملامح, أي تبدو لهذا الحاسب الخفيف أو الطرفي ومستخدميه كغيمة أو سحابة بعيدة لا يستطيع تحديد ملامحها وحجمها, لكنه يتصل بها عبر شبكة معلومات واتصالات ويمده بكل الإمكانيات التي يحتاجها لكي يعمل ويمارس وظائفه , سواء من برمجيات وتطبيقات , أو إمكانيات تتعلق بالقدرات اللازمة لتخزين وفهرسة ومعالجة وتحليل وعرض المعلومات.

وتاريخياً كان هذه النموذج أو المفهوم موجود تحت مسميات تجارية وتسويقية عديدة منذ ستينيات القرن الماضي, وتغيرت وتبدلت هذه المسميات مع الوقت طبقاً لظروف كل مرحلة, وكان من بينها الحوسبة عبر الحاسبات الكبيرة Mainframe والحوسبة على طريقة خادم عميل والحوسبة عبر الأجهزة الطرفية خفيفة الإمكانيات التي عرفت في وقت ما باسم ثين كلاينت وغيرها الكثير, ولكن من الناحية العلمية والعملية وبمفهوم العلماء والباحثين ظهرت توجهات محددة جميعها يدور في فلك مفهوم السحابة أو الغيمة أو الأداة الطرفية الخفيفة التي تستمد منها ما تحتاجه من موارد وكان من أبرز هذه التوجهات:

الحوسبة الشبكية Grid Computing , ويسميها البعض بالحوسبة المتوازية وهي شكل من أشكال الحوسبة الموزعة التي تضم حاسب سوبر افتراضي يضم مجموعة من الحاسبات المتصلة عبر الشبكة التي تتصرف وفق تناسق عجيب لتنفيذ المهام الكبيرة, وتسخر هذه التكنولوجيا العديد من الأجهزة في الشبكة لحل مشكلة واحدة في وقت معين, وغالباً ما تكون مشكلة علمية أو فنية تتطلب عدداً كبيراً من دورات المعالجة أو الوصول لمقدار هائل من البيانات. ومن الأمثلة المعروفة للحوسبة الشبكية مشروع البحث عن الذكاء في العالم الخارجي SETI الذي تشارك فيه عدد من طاقات المعالجات غير المستغلة في حاسباتها في إطار البحث عن إشارات عاقلة من الفضاء الخارجي وهناك مشروعات أخرى مثل التنبؤ بالاتجاهات الاقتصادية وتحليل الزلازل واكتشاف الأدوية وغيرها, وتتطلب الحوسبة الشبكية استخدام برمجيات يمكنها تقسيم وتوزيع قطع من البرامج على آلاف المعالجات أو وحدات التخزين الموجودة في نفس مركز البيانات أو العديد من مراكز البيانات الموزعة على أكثر من مكان. ويقوم أكثر من معالج بأداء أكثر من مهمة وفقاً لتناسق وتوزيع أدوار محدد مسبقاً. وتضم الحوسبة الشبكية عدة تقنيات فرعية هي الحوسبة العنقودية Cluster Computing والحوسبة الموزعة Disturbed Computing.

الحوسبة المرافقية Utility Computing,يقصد بها تقديم الموارد الحوسبية مثل عمليات المعالجة والتخزين كخدمة مقابل الاستهلاك فيما يشبه نظام محاسبة المرافق العامة التقليدية مثل الكهرباء والغاز, وتحقق هذه الطريقة وفرة في التكلفة للعديد من الشركات حيث توفر عليها إنفاق الآلاف في شراء الحواسب الخادمة وبرمجيات وشبكات لا تحتاج إلى كل إمكانياتها, وتؤجر هذه المعدات بدلاً من شرائها, كما تستطيع الشركات من أصحاب المطالب الضخمة أو الذروات المفاجئة المؤقتة في الطلب تجنب التأخيرات التي تنتج عن طلب شراء العديد من أجهزة الحاسب والوقت الضائع في تركيبها وتشغيلها, ومن أمثلة هذه الخدمات تخصيص عدد أكبر من الحاسبات الخادمة لموقع معين لاستيعاب الزيادة المؤقتة في عدد زيارات المستخدمين, شكلت منظومة الحوسبة حسب الاستهلاك الإطار الذي تقدم فيه أغلب خدمات الحوسبة السحابية عبر الإنترنت, فالمستخدم النهائي(سواء كان فردً أم شركة)لا يمتلك أي معدات أو أجهزة أو برمجيات على الإطلاق, وإنما يحصل على ما يلبى من احتياجاته منها عن طريق التأجير مقابل اشتراك أو رسوم شهرية تتحدد حسب الاستهلاك.

الحوسبة الافتراضية Virtualization Computing,الحوسبة الافتراضية أو الفصل الافتراضي من المقومات الأساسية التي تقوم عليها خدمات الحوسبة السحابية التي تقدم عبر الإنترنت, ومصطلح الحوسبة الافتراضية في الحقيقة مصطلح واسع للغاية ويختلف معناه باختلاف مجال ومستوى الحوسبة الافتراضية. فهناك الحوسبة الافتراضية عل مستوى الأجهزة التي تفصل بين نظم التشغيل المختلفة التي تعمل على نفس الحاسب, فمن الممكن تشغيل نظام Linux من داخل نظام Windows وتشغيل Windows من داخل Linux, ومن الممكن تثبيت أكثر من نظام تشغيل افتراضي أو أكثر من تطبيق افتراضي. وهناك الحوسبة الافتراضية على مستوى الموارد أو المكونات حيث يمكن تقسيم موارد الشبكة أو وحدات التخزين افتراضياً وهناك الحوسبة الافتراضية على مستوى الشبكة حيث يمكن إنشاء شبكة افتراضية داخل شبكة فرعية أو عبر عدة شبكات فرعية وأخيراً هناك دمج القنوات التي تربط وتمزج بين عدة وصلات لتكون بمثابة وصلة واحدة عالية السرعة ثم الحوسبة على مستوى التطبيقات, وأكثر مجالات الحوسبة الافتراضية شيوعاً هي وحدات التخزين ونظم التشغيل, وتتضمن تقنيات التخزين الافتراضية عدة تقنيات فرعية مثل المصفوفة المتكررة من وحدات التخزين التي يتم معاملتها كقرص واحد وتقسيم القرص الواحد إلى أقسام فرعية وإدارة وحدات التخزين المنطقية التي تمزج بين عدة أقراص في مجموعة واحدة كبيرة ثم تقسمها إلى أقراص منطقية.

ولأننا نعيش مرحلة تعلب الإنترنت فيها دوراً حاسماً للغاية في مسيرة صناعة تكنولوجيا المعلومات وطريقة التفاعل معها من قبل المليارات من البشر, فقد تجاوز الأمر الشعارات والمسميات الموجودة منذ فترة طويلة وعمدت آلة التسويق الضخمة لدى الشركات العملاقة إلى إطلاق تعبير الحوسبة السحابية على نمط أو نموذج الحوسبة عبر الشبكات ونشره على نطاق واسع باعتباره تعبير جديد عن عصر سيادة الإنترنت, وبالتالي فإننا عملياً أمام ما يشبه باترون جديد بتصميم وإكسسوارات جديدة لقطعة قماش قديمة, وهذا ما يبدو واضحاً من التعريفات التي ظهرت لشرح وتفسير مصطلح الحوسبة السحابية.

تعريفات الحوسبة السحابية

تعرف موسوعة Wikipedia الحوسبة السحابية على أنها تطوير واستخدام تكنولوجيا الحاسوب عبر سحابة التي هي كناية ولفظ مجازي يعبر عن شبكة الإنترنت واستعارة رمزية عن البنية الأساسية المعقدة التي تخفيها. والحوسبة السحابية ليست تكنولوجيا جديدة في حد ذاتها وإنما نمط من الحوسبة تقدم فيه الإمكانيات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات كخدمة مما يتيح للمستخدمين الوصول بالخدمات المرتبطة بالتكنولوجيا من الإنترنت(أي السحابة) دون معرفة بالبنية الأساسية التي تدعمها أو قدرة على التحكم فيها, فعلى سبيل المثال بدلاً من الاحتفاظ بالبيانات على وحدات التخزين المحلية في الحاسوب الموجود بالمنزل أو المكتب أو حتى الشبكة, يتم الاحتفاظ بالبيانات على حاسبات خادمة بعيدة يمكن الدخول عليها والاتصال بها من أي مكان عن طريق متصفح الإنترنت وخطوط الاتصالات السريعة.

وقد نشرت ورقة بحثية نشرها معهد مهندسي الإلكترونيات والكهرباء الحوسبة السحابية على أنها نمط تخزن فيه المعلومات للأبد في حاسبات خادمة متصلة بالإنترنت وتخزن بشكل مؤقت على الأجهزة الطرفية المرتبطة بها, وتشمل هذه الأجهزة الطرفية الحاسبات المكتبية ومراكز الترفيه والحاسبات اللوحية والحاسبات الدفترية والحاسبات المحمولة والحاسبات الجدارية والأجهزة الكفية والمجسات والشاشات وأجهزة المراقبة وغير ذلك.

وينبغي أن ننبه هنا إلى أن الإنترنت هي وسيط التواصل بين المستخدم (سواء كان فرد أو شركة) وبين مزود الخدمة, وأن كلمة السحابة كلفظ مجازي له مستويان في الدلالة, فهو على المستوى العام يعني شبكة الإنترنت, وعلى المستوى الخاص يعني شبكة مزود الخدمة (Amazon , Google ,Microsoft ,oracle..etc). إذن فإننا عندما نتحدث عن الحوسبة السحابية فإننا لا نتحدث عن أي تكنولوجيا جديدة في حد ذاتها, لأنه لا يوجد بالفعل أي جديد في التكنولوجيا المستخدمة, فأجهزة الحاسوب موجودة منذ خمسين عاماً ومتصفحات الإنترنت مر على استخدامها أكثر من 15 عاماً والشركات التي تقدم خدمات للأجهزة الطرفية عبر الإنترنت عمرها من عمر شبكة الإنترنت نفسها أما عن وسائل الاتصال بالإنترنت فهي قائمة أيضاً منذ أطلقت شبكة الإنترنت للجمهور في بداية التسعينيات , ولذلك فإن الحوسبة السحابية ليست تكنولوجيا جديدة أو حتى فكرة جديدة ويتمثل اختلافها في حجم التطبيقات التي أصبحت متاحة وما طرأ على البنية التحتية للإنترنت من تحسينات جعل تشغيل التطبيقات المحورية لعملك عبر الإنترنت أمراً مجدياً من حيث التكلفة, وأصبح في إمكان الشركات الصغيرة والبادئة الوصول إلى تطبيقات كانت مقصورة فيما مضى على المؤسسات الضخمة فقط التي تملك من الإيرادات والسيولة المالية ما يمكنها من الاستثمار في بنية المعدات وشبكات المعلومات وتعيين موظفي تكنولوجيا المعلومات لإدارة وصيانة هذه الشبكة.

ومن الأمثلة التي نستخدمها منذ زمن طويل وتعد من صور الحوسبة السحابية البريد الإلكتروني لأننا جميعاً كمستخدمين أطراف متصلون بجهاز الخادم الموجود في شركة ميكروسوفت أو ياهوو أو جوجل وغيرها من مزودي خدمة البريد الإلكتروني, وأيضاً استضافة المواقع على حاسبات خادمة تابعة لمزودي خدمة الاستضافة مقابل رسوم شهرية أو سنوية, فأنت تضع موقعك أو موقع شركتك بكل صوره وملفاته وتطبيقاته على خادم استضافة مواقع الويب وتقوم بتحديث الموقع وتجديده على هذا الخادم. من صور الحوسبة السحابية أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي المتمثلة في (Face Book) ومواقع مشاركة الفيديو (YouTube) ومواقع نشر الصور(flicker) ومواقع مشاركة وتبادل الملفات (Rapid Share) وشبكات التورنت وغيرها الكثير. معنى ذلك أن جميع أشكال تواصلنا واستخدامنا للإنترنت تعتبر من أشكال الحوسبة السحابية, باعتبار أننا نتصل بحاسبات خادمة بعيدة لا نعرفها فمن منا يعرف بالضبط أين يوجد صندوق بريده الإلكتروني هل هو في أمريكا أم في أوروبا؟ وإذا كان في أمريكا ففي أي ولاية وفي أي مدينة بالضبط.

ما هو الإتجاه الجديد في الحوسبة السحابية؟

الجديد في الحوسبة السحابية هو المصطلح ذاته وما يعبر عنه من نمط أو نموذج أعمال تجاري جديد في صناعة تكنولوجيا المعلومات, يقوم على تقديم العناصر التي تحتاجها أي شركة مثل تطبيقات البرمجيات أو طاقة المعالجة أو تخزين البيانات عبر الإنترنت كخدمة بدلاً من استخدامها كمكونات داخلية في شبكة أو منظومة تكنولوجيا المعلومات في كل شركة. فالحوسبة السحابية كنمط تجاري جديد يعني تقديم كل إمكانيات الحاسب(معالجة, تخزين, برمجيات) كخدمة تباع حسب الاستهلاك. فعلى سبيل المثال بدلاً من تعيين موظفين لإدارة برنامج معين في الحاسبات الخادمة الموجودة في مقر الشركة نفسها, يمكنك أن تتصل بنفس البرنامج من خلال متصفح الإنترنت وتحصل على بياناتك ليس من الخادم الموجود في الشركة ولكن من حاسبات خادمة تابعة لمزود الخدمة قد توجد في أي مكان في العالم.

وفي هذا النموذج تعتمد فكرة الحوسبة على تطبيقات الويب وتخزين البيانات في سحابة الإنترنت,واعتبرت وسيلة لأداء الأعمال أثناء الحركة, طالما أن المستخدم يستطيع الاتصال بالانترنت ويحصل على بياناته وتطبيقاته منها,وبالتالي فإن كل ما يحتاجه هو جهاز حاسوب متصل بالإنترنت حتى ولو لم يتضمن أي برمجيات أخرى. وبالتالي يتحدى اتجاه الحوسبة السحابية الاتجاهات التقليدية لأقسام تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات والشركات, فليس مهماً المكان الذي توجد فيه الأجهزة والبرمجيات التي تدعم الخدمة المطلوبة,فربما تكون في الصين أو الهند أو الإمارات أو حتى في جنوب أفريقيا, فالمهم هو الخدمة ذاتها ومدى إتاحتها وكفاءة تشغيلها والوصول إليها.

أسباب الترويج للمصطلح

لماذا كل هذه الضجة المثارة حول الحوسبة السحابية التي تصورها بأنها ثورة أو فتح في عالم تكنولوجيا المعلومات؟ وما هي العوامل والأسباب التي جعلت من هذا الاتجاه يبرز إلى السطح بكل قوة وكل عنف على الرغم من أنها كفكرة ليست موجودة كما رأينا؟

يرجع بروز الحوسبة السحابية وطغيانها على وسائل الإعلام المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات في البداية إلى آلة التسويق والدعاية الجبارة المرتبطة بأسماء الشركات العملاقة في صناعة التكنولوجيا مثل Google ,Microsoft ,IBM ,Yahoo ,Apple إلى تقديم هذه الخدمات على نطاق تجاري للشركات. وكان من الطبيعي أن تجذب مبادرات هذه الشركات وسائل الإعلام وتحاول وصفها وتنميطها.ومن الأسباب الأخرى طبيعة الترويج والتسويق لهذه الخدمات باعتبارها الحلم الأسمى الذي يتطلع إليه الأفراد والشركات منذ زمن بعيد والذي يتمثل في الوصول إلى المعلومات من أي مكان وفي أي وقت وعدم التقيد بالحاسبات الشخصية في المنازل والمكاتب, وقد ساعد على هذا الحلم زيادة سرعة المعالجات وانخفاض أسعار وحدات التخزين وزيادة ذكاء الأجهزة المحمولة والاتصال بالإنترنت بسرعات عالية,وفي الوقت نفسه جذبت تطبيقات وخدمات الإنترنت إعجاب المستخدمين لأنها تعفيهم من شراء التطبيقات وتثبيتها وصيانتها. وبدلاً من ذلك تقوم شركات الإنترنت المتخصصة بتثبيتها على خادمات على الويب وتتولى مسئولية صيانتها وتحديثها.

هناك أيضاً ازدهار ونجاح الشركات من مزودي خدمات الحوسبة مثل Salesforce.com الذي كان لافتاً للنظر بعد أن أعلنت مؤخراً أنها على وشك تحقيق إيرادات قدرها مليار دولار من تقديم البرمجيات كخدمات, لتصبح بذلك أول شركة تحقق ذلك وتكون بذلك دليلاً على نجاح هذه الموجة في الصناعة .

لكن هذه الدعاية مهما كانت قوتها لا تكفي إذا لم تكن هناك مشكلة حقيقية يعالجها هذا الاتجاه الجديد في صناعة وتطوير التكنولوجيا, فمنذ فترة تواجه صناعة تكنولوجيا المعلومات أزمة تضيق حلقاتها يوماً بعد يوم وتهدد مسيرة الابتكارات في الشركات الصغيرة والمتوسطة بل ولدى الأفراد. فطوال مسيرة صناعة تكنولوجيا المعلومات, كانت تكلفة إدارة المعدات وأنظمة التشغيل تزداد بصورة مستمرة لفترة طويلة, حتى أن أحد المحللين قال إن تكاليف إدارة البيانات في أحد مراكز البيانات تتراوح بيت 25 و 45 % من إجمالي ميزانية تكنولوجيا المعلومات, وهذا يعني أن المال الذي يفترض أن يوجه إلى التطوير والابتكار من أجل دعم القيمة المضافة للشركة يهدر في صيانة الشبكة والخادم والبرمجيات, وبالتالي يقيد ذلك من قدرة أي شركة على الاستثمار في التطوير والابتكار أو زيادة إمكاناتها مما يؤثر في النهاية على النشاط الأساسي للمؤسسة.

عند رؤية الأمر من زاوية أخرى تفاقمت تكلفة تزويد الحاسبات الخادمة بالكهرباء وتبريد مراكز البيانات الموجودة إلى حد أن تكلفة استهلاك الكهرباء والطاقة تجاوزت تكلفة الحاسبات الخادمة نفسها في العديد من مراكز البيانات, كما أن الشركات تنفق هذه التكاليف لدعم السعات المطلوبة للاستهلاك في أوقات الذروة فقط أو أحياناً لدعم السعة عند مناوبة الأجهزة والحاسبات الخادمة في حالة تعطل إحداها نتيجة لذلك تنفق مراكز البيانات الكثير من المال على الأجهزة والطاقة. وهي تكلفة لا تساهم بشكل مباشر في زيادة إيرادات الشركة في أغلب الأوقات.

في نفس الوقت تضغط مؤسسات الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية من أجل تقنين استهلاك مراكز البيانات من الطاقة والموارد الطبيعية ومساهمتها في رفع درجة حرارة الأرض والتلوث في حين أن حجم استغلالها الفعلي لا يتراوح بين 10 و 20% من إمكانياتها, مما يعني أنها لا تقدم قيمة مضافة كبيرة للمؤسسات وهنا كان لا بد للسؤال التالي أن يطرح نفسه ماذا لو حدث تحول جوهري في نمط الأعمال والتفكير السائد يؤدي إلى تقليل الإسراف في الطاقة والأجهزة أو يساعد على استغلال الأجهزة والمعدات الموجودة بصورة أفضل؟

ومن زاوية ثالثة الوقت الذي يستغرقه تطوير وتشغيل التطبيقات الجديدة في زيادة مستمرة خاصة مع زيادة المساحة والوصول إلى الطاقة وتعقد بيئة التطوير, فالعديد من المبرمجين والمطورين يضطرون إلى طلب حاسبات جديدة من قسم تكنولوجيا المعلومات, وهذه الحاسبات تتطلب شرائها ثم ترتيب المكان لتركيبها ثم توفير المساحة والطاقة والتبريد الملائم,وبعد تركيب الحاسبات ينبغي تثبيت نظام التشغيل والتطبيقات الأساسية ثم التأكد من أن كل التطبيقات التي اخترتها متوافقة مع بعضها البعض وبعد هذا كله تبدأ في التطوير الذي ينبغي ألا ننسى في غمرة هذه الخطوات أنه الغرض الأساسي من شراء هذه الأجهزة, وهكذا تستغرق دورة التطوير من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الاستعداد للتطوير والتنفيذ فترة قد تصل إلى 6 أشهر , وهنا يبرز سؤال: ماذا لو كان بالإمكان بدء دورة التطوير والبرمجة خلال ساعات سواء كان بالاعتماد على عروض المزود أو الحاسبات الحالية الموجودة في المؤسسة؟

تطور الحوسبة السحابية

يرجع المفهوم الأساسي إلى العام 1960 عندما أشار (جون مكارثي) إلى أن خدمات الحاسب من الممكن تنظيمها مثل خدمات المرافق العامة, وظهر مصطلح السحابة بصورة تجارية في بداية التسعينيات, كإشارة إلى شبكات الصرف الآلي الكبيرة, وبحلول القرن الحادي والعشرين بدأت حلول الحوسبة الشبكية في الظهور في السوق رغم أن أغلب التركيز في ذلك الوقت كان على تقديم البرمجيات كخدمات.

وكان لشركة Amazon دور أساسي في تطوير الحوسبة السحابية من خلال تحديث مراكز البيانات الخاصة بها بعد انهيار شركات الدوت كوم الشهيرة(وبعد أن وجدت أن تجديد بنية الشبكة الخاصة بها أدى إلى تحسين بارز في الكفاءة الداخلية), ثم بدأت Amazon تقدم إمكانية استخدام بنيتها الأساسية وأجهزة الحاسب بها من خلال موقعها على الشبكة في عام 2002 على أساس السداد مقابل الاستهلاك.

ثم شهد العام 2007 نشاطاً كبيراً في هذا الاتجاه من جانب شركات مثل جوجل و IBM وعدد من الجامعات التي انطلقت في مشروعات بحثية واسعة النطاق عن الحوسبة السحابية, وفي الوقت نفسه بدأ مصطلح الحوسبة السحابية ينتشر في الصحافة التكنولوجية ومواقع المدونات وأخبار تكنولوجيا المعلومات, وأصبح موضوع الساعة تقريباً بحلول منتصف العام 2008 وسيشهد العام 2009 العديد من المؤتمرات والندوات التي تناقش الحوسبة السحابية كاتجاه مستقبلي في صناعة تكنولوجيا المعلومات واستخدام الإنترنت.

في أغسطس من عام 2008 لاحظت شركة Gartner وشركة IDC للأبحاث أن المؤسسات والشركات بدأت تنتقل من نمط أصول البرمجيات والمعدات المملوكة للشركة إلى نماذج استخدام هذه البرمجيات والأجهزة على أساس الاستهلاك فقط وترى الشركة أن الانتقال المتوقع للحوسبة السحابية سيؤدي إلى نمو جوهري في منتجات تكنولوجيا المعلومات في بعض الحالات وإلى تخفيض كبير في مجالات أخرى.

تطبيقات الحوسبة السحابية

تقدم الحوسبة السحابية من خلال مزودي الخدمة والشركات العملاقة التي طرحت إمكانيات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها للاستخدام التجاري باقة من الخدمات المتاحة باشتراكات شهرية حسب الاستهلاك, وقد تكون هذه الخدمات أجهزة حاسب مادية أو افتراضية, وقد تكون أنظمة تشغيل أو كتالوجات من البرمجيات التي يمكن تثبيتها بسهولة أو التي يمكن أن تستقبل برنامج مخصص طوره مستخدم نهائي. تشمل هذه الخدمات كذلك التوصيل بالإنترنت أو استخدام تكنولوجيا الشبكات الافتراضية الخاصة أو شبكات البيانات الافتراضية , بحيث يستطيع المستخدم النهائي (أي الشركة أو المؤسسة التي تحتاج للخدمة) تشغيل عدة حاسبات خادمة تتعاون بمستوى معين من الحماية من أجل عزل البيانات الخاصة بالشركة أو المؤسسة.

ينبغي على هذه الخدمة المتاحة من مزودي الحوسبة السحابية عبر شبكة الإنترنت أن تتصل عبر شبكة الإنترنت الداخلية الخاصة سواء فعلياً أو افتراضياً, حتى تتمكن التطبيقات التي تعمل من خلال شبكة مزود الخدمة من الوصول للبيانات أو التطبيقات التي توجد في الأجهزة الطرفية أو شبكات المعلومات الموجودة في منشأة العميل أو المستخدم النهائي. وبإمكان المستخدم النهائي أن يحدد عدد الموارد التي تنفذ أعباء عمله ومهامه حسب الطلب, سواء كانت تلك الموارد حاسبات خادمة فعلية أو برمجيات.

تساعد الخدمة السحابية المصممة بشكل جيد تنفيذ عدد من السيناريوهات بالنسبة للمستخدم النهائي مثل القدرة على تقديم البرمجيات كخدمة والقدرة على تقديم الأجهزة والحاسبات الخادمة كخدمة والقدرة على نشر قدرات المعمارية الموجهة بالخدمات وتقديم التطبيقات كخدمة وقواعد البيانات كخدمة. تتيح لك شبكة الحوسبة السحابية استغلال قوة المعالجة الهائلة الناتجة عن تشبيك مجموعات ضخمة من الحاسبات الخادمة عبر الويب وإيقاف الاعتماد على الحاسبات المكتبية في التشبيك ومعالجة وتحليل البيانات المعقدة وزيادة إتاحة الشبكة ومستويات الحماية مع تقليل التكلفة الإجمالية للملكية.

ومن أمثلة تطبيقات خدمة الحوسبة السحابية توصيل الترفيه عبر الإنترنت وتوزيع برامج التليفزيون والأفلام وغيرها من ملفات الفيديو التي بدأت تتجه لشبكة الويب,وستساعد تقنية الحوسبة السحابية على تمكين شبكة مزودي الخدمة على استضافة الوسائط المختلفة فباستخدام هذه التكنولوجيا ستستطيع جهات البث المختلفة الوصول إلى اتفاقية تعاون تمكنهم من استغلال الخدمات المتقدمة التي تشمل توزيع المحتوى وتوزيع أعباء المعالجة والترحيل والتشبيك عبر أنظمة مختلفة في دول مختلفة. في حالة وجود طلب كبير على برنامج أو فقرة تليفزيونية معينة مخزنة على موقع معين, بإمكان العميل (جهة البث) استئجار حاسبات خادمة وخدمات أخرى غير مستخدمة من المواقع الأخرى.

0 التعليقات